حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

بقلم/ أحمد يونس شاهين

في الأول من يناير للعام 1965 كانت انطلاقة الثورة الفلسطينية نحو التحرير بانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، هذه الحركة التي ولدت فكرتها عام 1957 في لقاء تأسيسي ضم ستة قادة عظام هم: الشهيد الرمز ياسر عرفات، والشهيد القائد خليل الوزير وعادل عبد الكريم، وعبد الله الدنان، ويوسف عميرة، وتوفيق شديد، فصاغوا بيان الحركة "هيكل البناء الثوري", وفي عام 1959 انضم إليهم أعضاء جدد كان أبرزهم: صلاح خلف، وخالد الحسن، وعبد الفتاح حمود، ومحمود عباس، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، وعبد الفتاح إسماعيل.

كان قرارهم الانطلاق بحركة فتح بالكفاح المسلح فكانت الرصاصة الأولى العملية الفدائية (عيلبون) يوم 1/1/1965 التي فاجأت الاحتلال الإسرائيلي بتدمير نفق عيلبون التي تم فيها تفجير شبكة مياه إسرائيلية واستشهد خلالها المناضل أحمد سلامة ليكون أول شهيد في الثورة الفلسطينية، فجاء الرد الإسرائيلي على لسان رئيسة الوزراء آنذاك جولدامئير حيث قالت لقد هبت علينا عاصفة من الشمال فكان الرد الفلسطيني على لسان القائد الشهيد أبو عمار هذه رياح العاصفة الفتحاوية ستحرق الأخضر واليابس.

وقد شكلت انطلاقة حركة فتح بالكفاح المسلح في يناير 1965 ولادة حقيقية لحركة المقاومة الفلسطينية المعاصرة بعد النكبة لتعيد معه "فتح" الاعتبار لهوية الشعب الفلسطيني وشخصيته الوطنية، وتلفت كل الأنظار إلى القضية الفلسطينية وعدالتها ومكانتها بين حركات التحرر في أرجاء العالم، فكانت انطلاقة الثورة الفلسطينية بمثابة تحول استراتيجي وقفزة نوعية في تاريخ الشعب الفلسطيني فنقلته من حالة التشتت والبحث عن ملجأ ومأوى في الدول المجاورة إلى حالة النضال والكفاح ضد العدو المغتصب لأرضه، وحولت اللاجئ إلى ثائر، وعملت حركة فتح بقيادة الشهيد أبا عمار على تعزيز مكانة منظمة التحرير الفلسطينية بالتحالف مع باقي الفصائل الوطنية لتكون الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، واستمرت الثورة الفلسطينية في طريقها النضالي رغم كل المؤامرات التي حاولت الالتفاف عليها ومحاولات تصفية المشروع الوطني الفلسطيني  وضرب منظمة التحرير الفلسطينية و تقزيم الحقوق الفلسطينية المشروعة.

لم ينحصر برنامج حركة فتح النضالي في الكفاح المسلح فحسب بل كانت شاملة لمختلف ِأشكال النضال العسكري والسياسي والإعلامي مؤكداً ذلك الشهيد القائد ياسر عرفات حين قال إن الثورة ليست بندقية ثائر فحسب، بل هي معول فلاح ومشرط طبيب وقلم كاتب وريشة شاعر، فالبندقية 


الغير مسيسة قاطع طريق فحين ألقى كلمته في الأمم المتحدة قال مقولته المشهورة "جئتكم يا سيادة الرئيس حاملاً غصن الزيتون بيدي وببندقية الثائر بيدي الأخرى، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي ... لا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي.

وبإصرار حركات النضال الفلسطيني التي تقودها الحركة الأكبر حركة التحرير الوطني الفلسطيني

” فتح” استطاع الفلسطينيون أن يشغلوا المجتمع الدولي بقضيتهم العادلة فبدأ الحراك الدولي تجاه البحث عن حلول لها فكانت القرارات الدولية 242، 338 عام 1967 التي رفضت تنفيذها دولة الاحتلال متحصنة بالدعم الأمريكي التي تحظى به وكذلك لضعف قوة المجتمع الدولي في تطبيق قراراته، فكان الاستمرار في درب الكفاح المسلح هو الطريق الوحيد الكفيل باستعادة الحقوق الفلسطينية في ظل غياب التسوية السلمية.

لقد تعرضت حركة فتح لكثير من التحديات سواء التصفيات الجسدية لقادتها أو مضايقات عربية، أو انشقاقات داخلية ولكنها سرعان ما تجاوزتها وعزمت السير في درب نضالها الوطني إيماناً منها بحتمية النصر وعدالة القضية ، وتوالت تلك التحديات التي واجهت حركة فتح فكان أبرزها وأخطرها الانقسام الفلسطيني الذي مزق الشعب الفلسطيني وألقى بظلاله على مستقبل القضية الفلسطينية وتراجعها أمام المجتمع الدولي  ولكن حركة فتح مازالت تنادي بل وتعمل جاهدة على انهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية وتجسيد مفهوم الوحدة الوطنية، وكان للتطبيع العربي مع دولة الاحتلال نصيباً من تلك التحديات.

اما سياسة الاحتلال فهي تحدي آخر تمثل في محاولة إضعاف السلطة الوطنية الفلسطينية التي تقودها حركة فتح فانتهجت استراتيجية بمسارين أولهما التوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية والاقتحامات المتكررة لمناطق السيطرة الفلسطينية والمزيد من الخصومات المالية لأموال عائدات الضرائب بحجة صرف السلطة لمخصصات الأسرى والشهداء أما المسار الثاني فهو سياسياً تمثل في محاربة القيادة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح بدبلوماسيتها الدولية. 

التاريخ لا ينكر نضالات حركة فتح التي عكست صورة شعبنا الفلسطيني وعبرت عن تطلعاته وتضحياته وأمانيه وطموحاته منذ نشأتها وانطلاقتها.

المجد والخلود للشهداء والحرية للأسرى والشفاء للجرحى.

 فما النصر إلا صبر ساعة.  

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"

الأسير ماهر يونس رمز الصمود خلف القضبان