ماراثون التطبيع وربط القطيع

 


تعلم أمريكا وبجانبها “إسرائيل” أن إحراز أي اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل ودول عربية لن يجلب لإسرائيل السلام ولن يثني الفلسطينيين عن نضالهم ولن ينال من عزيمتهم بل العكس، فلو نظرنا لما كانت عليه علاقة هذه الدول العربية المهرولة في ماراثون التطبيع اليوم لوجدنا أنها لم تكن في حالة حرب ولم تؤثر ولم تهدد أمنها يوما من الأيام، فلا حدود ولا منافذ ولا أي قواسم مشتركة تربطها مع إسرائيل، إنما هناك أسباب أخرى جعلت هذه الأنظمة العربية تهرول في ماراثون التطبيع كالقطيع الهارب من الذئاب والضباع، فمنذ سنوات وكابوس البعبع الإيراني يجتاح أحلام الحكام العرب وهذا ما أوهمتهم به أمريكا فدفعتهم لتشكيل التحالف العربي وانطلقوا من اليمن لمحاربة الحوثيين الموالين لإيران والهدف إشغالهم في الخليج ليس أكثر ومن جهة أخرى التهديد التركي للمنطقة العربية، أمريكا وضعت العرب تحت خيارين الأول إما التطبيع مع إسرائيل لضمان أمنكم وبقاء حكمكم ولجم التهديد الإيراني والتركي والثاني زوال حكمكم ونشر الفوضى في خليجكم، هذا هو الوهم الأمريكي الذي ليس له أي وجود في الحقيقة، ولكن الواضح أن التراخي العربي تجاه القضية الفلسطينية ازداد في السنوات القليلة الماضية أي منذ اندلاع ما سمي بالثورات العربية” الربيع العربي” الذي جُير لخدمة أمريكا وإسرائيل وتحقيق أهدافهما في المنطقة العربية ومزيداً من الاستحواذ على المقدرات الاقتصادية العربية وتحديداً في الخليج العربية وكبح جناح عروبة الشعوب العربية وثنيها عن مناصرة الشعب الفلسطيني كما كنا نرى قبل ما سمي بالربيع العربي إبان الانتفاضتين في الأراضي الفلسطينية من مظاهرات واحتجاجات شعبية عربية كانت تجتاح الدول العربية، أما اليوم فقد أصبحت الشعوب العربية منهكة في همومها لا تقدر على المطالبة بحقوقها في بلدانها بفعل ما وصلت اليه من حالة اليأس والخذلان من حكامهم وإشغالهم في هموهم الحياتية، وهذا جعل التربة خصبة أمام الأنظمة العربية للهرولة في ماراثون التطبيع مع إسرائيل، هناك أهداف إسرائيلية وأخرى أمريكية من خلال هذا التطبيع، اما الهدف الإسرائيلي فهو ذات شقين الأول هدف سياسي المراد منه تحييد القضية الفلسطينية بما فيها القدس وحصرها بين إسرائيل والفلسطينيين ولم تعد القضية العربية الرئيسية ووأد المبادرة العربية التي كان قد اجتمع عليها العرب أساساً لتحقيق السلام العربي الإسرائيلي، أما الهدف الثاني فهو اقتصادي أي الاستفادة قدر الإمكان من المقدرات الاقتصادية لدي العرب كالنفط والغاز وغيرهما وهذا ذو أهمية كبيرة لدى أمريكا وإسرائيل، وهناك أهداف شخصية لنتنياهو وترامب فكلا منهما يمر في مأزق داخلي كلا في دولته، نتنياهو يتعرض لانتقادات داخلية تهدد حياته السياسية بسبب قضايا الفساد المرفوعة ضده في المحاكم الإسرائيلية والهجوم الذي يتعرض لها من خصومه السياسيين فوجد في اتفاقات التطبيع مخرجا له وكأنه احرز تقدما وتطورا في سياسته الخارجية لصالح دولته، أما ترامب فهو يعتبر التطبيع الإسرائيلي العربي ورقة سياسية ستخدمه في الانتخابات الرئاسية القادمة يكسب من خلالها دعم اللوبي الصهيوني له في خضم هذه المعركة مع خصومه ومنافسيه.

ان التطبيع العربي الإسرائيلي يجب ان يستغله الكل الفلسطيني وعلى رأسه الفصائل الفلسطينية لإنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية لأنها الصخرة التي ستتحطم عليها مؤامرة التطبيع، والعمل على إعادة وضع خطة فلسطينية شاملة لمواجهة التطبيعِ والاحتلال الإسرائيلي كي لا يكون الشعب الفلسطيني ضحية للتطبيع العربي الاسرائيلي، وعلى كل الأحوال فإن السباق في ماراثون التطبيع ما هو الا نقطة سوداء ووصمة عار على جبين القطيع.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"