نقل السفارة اعلان حرب على الشعب الفلسطيني


بقلم: أحمد يونس شاهين

يمثل قرار الرئيس الأمريكي ترامب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ونيته الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل نقلة كبيرة في صورة السياسة الامريكية، وهذا يمثل عنوان ما يسمى بصفقة القرن المزمع الاعلان عنها، فمن هنا نرى أن هذه الصفقة لا تحمل الخير لقضيتنا الفلسطينية ومستقبل عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين وأنها صفقة اسرائيلية بلسان رئيس أمريكي متخصص في الصفقات التي كان يمتهنها قبل توليه عرش الادارة الأمريكية.
إن الاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لإسرائيل هو مس بالقومية العربية وضرب للقانون الدولي بعرض الحائط وسيعمل على انتشار الفوضى في المنطقة ويزيد من حدة التوتر وسيشعل المنطقة ويقود الشعب الفلسطيني إلى حالة جديدة من الصراع الفلسطيني الاسرائيلي سيترتب عليه نتائج غير مقبولة لدي الاسرائيليين والأمريكيين، وسيؤدي إلى انقطاع في العلاقات الفلسطينية، وربما تُقْدم القيادة الفلسطينية على اتخاذ خطوات غير مسبوقة مع الطرف الاسرائيلي يُقابل بعقوبات أمريكية وإسرائيلية ويعيدنا إلى مربع ما قبل أوسلو وانعدام الأفق في العملية السلمية بل ادخالها في حالة موت حقيقي لا رجعة فيه في الوقت الذي نجحت فيه فلسطين بالدخول للأمم المتحدة من أوسع أبوابها بعد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وتوقيعها على الكثير من الاتفاقات والمعاهدات الدولية، هذا النجاح الدبلوماسي الفلسطيني قوبل بحراك امريكي اسرائيلي على مختلف الأصعدة بدءً بالصمت الامريكي عن التوسع الاستيطاني في أراضي الضفة الغربية ونوايا نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الاسرائيلي، يأتي هذا في الوقت الذي تنهار فيه المنطقة العربية وتتجه نحو منحى آخر تحت عنوان محاربة الارهاب والتطرف المختلق وتشكيل تحالفات لمحاربته نتجت عن ما سمي بالربيع العربي (المخطط الأمريكي الاسرائيلي).
كل عناوين الصفقة الأمريكية يتم تسريبها في الاعلام لجس النبض العربي الميت لفحص مدى الاستمرار في خط بنودها وفقاَ لطبيعة الردود العربية التي في الأساس بهذه المرحلة مغلفة بالخجل السياسي سيما أن العرب الأن يعيشون حالة من التخبط السياسي وهذا يجعل الأجواء مهيأة بشكل كبير لكل ما ستطرحه ادارة ترامب وتنوي تنفيذه على أرض الواقع، وستصبح أمراً واقعاً لا رجوع فيه، وبذلك تكون امريكا واسرائيل قد حققتا أهدافهما في المنطقة والانتقال لمراحل أخرى تمس بالإقليم العربي واخضاعه للإرادة الامريكية الاسرائيلية وتحطيم موائد الجامعة العربية وجعلها ديوان عربي للقاءات الاطمئنان على بعضهم البعض واحتساء القهوة فقط، ووضع المبادرة العربية في ثلاجة الموتى، وعلى المستوى الفلسطيني فلم تكِل القيادة الفلسطينية عن بذل جهودها الدبلوماسية لمواجهة قرار ترامب القاضي بنقل السفارة الامريكية إلى القدس وتمثلت في اجراء العديد من الاتصالات بزعماء العالم ومطالبتها بعقد قمة اسلامية قد تكون اكثر أثراً من عقد اجتماع وزراء العرب، فما ينقص الموقف الفلسطيني في مواجهة هذه المستجدات السياسية هو الاصطفاف الفلسطيني خلف استراتيجية سياسية واحدة ووحدة وطنية حقيقية سيما أن الموقف الفلسطيني مازال ضعيفاً وهذا ما يجب الاسراع فيه وانهاء ملف الانقسام البغيض لوضع خطة فلسطينية من شأنها التقليل من أثر العقوبات السياسية والاقتصادية التي ستفرضها أمريكا واسرائيل على الشعب الفلسطيني بعد رفض القيادة الفلسطينية لبنود صفقة ترامب، وأيضاً وضع خطة دبلوماسية يُخاطب العالم من خلالها لتبيان موقفه من سياسة أمريكا واسرائيل تجاه القضية الفلسطينية والاجراءات التي قد تتخذانها في الوقت القريب، وأما على الصعيد العربي فبالرغم من أننا نرى الضعف العربي سيد الموقف إلا أن الأمر يحتاج إلى  أن يكون هناك حراكاً عربياً قوياً فالمال وحده لا يكفي لأن صفقة ترامب لا تقتصر فقط على فلسطين بل تمس المنطقة العربية.
للقدس مكانة دينية وتاريخية فهي مكان للعبادة لثلاث ديانات سماوية ومعنى أن تكون عاصمة لدولة اسرائيل فهذا يعني أنها أصبحت يهودية انسجاماً مع مطلب حكومة نتنياهو بأن تكون دولتهم دولة يهودية فقط وبالتالي ينعكس عليه عواقب تضر بالمكانة الدينية للقدس وتحويل الصراع إلى صراع ديني وهذا لا تهتم له حكومة الاحتلال سيما أن التطرف الديني يحارب على جبهات بعيدة عن القدس وأصبح أداة من ادوات امريكا واسرائيل اللتان أشغلتاه في حروب طائفية.
أمين سر الشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام
ahmadshahien72@gmail.com


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"