ثمان سنوات وثلاثة حروب ومازال الانقسام حاضراُ


ثمان سنوات وثلاثة حروب ومازال الانقسام حاضراُ

بقلم: أحمد يونس شاهين

سنوات ثمان هي عمر الانقسام الفلسطيني ولا زال يلقي بظلاله على شعبنا الفلسطيني على أبواب عامه التاسع وما تخللها من حروب، ومازال ينتظر بريق أمل يلوح بالأفق ليتحقق حلمه بوأد الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية، هذا الانقسام البغيض الذي خلق حالة من الفوضى وشرخ عميق في النسيج الاجتماعي الفلسطيني وأصبح الحال الاجتماعي يتحدث بالحزبية والانتماء لهذا الفصيل أو ذاك بعد أن كان التكاتف الاجتماعي عنوان المجتمع الفلسطيني، هذا حال مجتمعنا وليد الانقسام الذي أضعفه وأعاده إلى دون الصفر ليبدأ من جديد في حال جلاء الانقسام وكوارثه.
سنوات ثمان طافت فيها جولات عديدة من الحوار والمفاوضات بين أطراف الانقسام لم يكتب لها النجاح بدءً باتفاق مكة مروراً باتفاق القاهرة وما بينهما من اتفاقات أخرى وصولاً إلى اتفاق الشاطئ الذي نتج عنه تشكيل حكومة التوافق برئاسة الدكتور رامي الحمد الله والتي ضمت وزراء من الضفة وغزة لتجسيد الوحدة وإنهاء الانقسام، ولكن حالة عدم الثقة بما تمخض عن هذا الاتفاق كانت شعور المواطن الفلسطيني، وهذا ما حدث بالفعل فمازالت حكومة التوافق بعيدة عن أرض الواقع وانحصرت في دائرة الغياب والتواصل لعدم تمكنها من ممارسة مهامها العملية في جزء من الوطن كحكومة للشعب الفلسطيني كله لأسباب حزبية وخلافات مع حركة حماس، وأصبح الشعب الفلسطيني رهينة لهذه الصراعات والخلافات.
إن قضيتنا الفلسطينية تعيش اليوم في أسوأ حالتها السياسية حيث أن الانقسام الفلسطيني جاء ليعقد حيثياتها ويدخلها في حالة الجمود السلبي الذي لم تصل إليه من قبل وأعطت ذريعة لدولة الاحتلال لأن تتحجج بأن الشعب الفلسطيني ليس له ممثل وحيد بل هناك قطبين قويين واحد في الضفة والآخر في غزة، هذا هو الضعف الحقيقي بالموقف الفلسطيني الذي وصل أيضاً إلى المستوى الدولي فكيف له أن يدعم الموقف الفلسطيني وهو مازال منقسم على نفسه وهذا ما لاحظناه في الحروب الثلاثة على قطاع غزة فلم نجد موقف صلب وحقيقي دعمنا ووقف بجانبنا كما الدول العربية التي انشغلت بحالها وبما يسمى بربيعها العربي.
دولة الاحتلال لعبت دوراً جوهرياً ورئيسياً في حدوث الانقسام الفلسطيني البغيض الذي تعدى طموحاتها، فقد قدم الانقسام خدمات مجانية لم تحلم بها دولة الاحتلال حققت غاياتها وأهدافها وهاهي اليوم تجني ثماره بشكل حقيقي، فبدأت تعزف على أوتار الفصل بين شطري الوطن لتكرسيه على أرض الواقع بعد أن أفشلت المفاوضات بسبب تعنتها وكذلك ضعف الموقف الفلسطيني، واليوم يهدد نتياهو وبشكل مباشر باحتلال الضفة الغربية خلال 24 ساعة في رسالة وجهها إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس من خلال وزير الشئون المدنية الفلسطيني حسين الشيخ، وبالمقابل نلاحظ الماراثون السياسي الذي تقوده أطراف دولية في قطاع غزة من خلال الوفود التي تتردد عليه برضا ومتابعة أمريكا، والتي يتم من خلالها طرح إغراءات على حركة حماس كالمطار والميناء وغيرها لتعزيز مكانتها السياسية وشطبها من قوائم الإرهاب وثنيها عن المقاومة المسلحة، وهذا يأتي في إطار المخطط الذي تم إعداده مسبقاً بالمضمون لإنهاء التمثيل الوحيد للشعب الفلسطيني وهو منظمة التحرير الفلسطينية والمحافظة على ديمومة الانقسام وإقامة دويلة غزة التي تسعى إليها إسرائيل من خلال هذه الأطراف سابقة الذكر.
المطلوب اليوم هو اتخاذ قرارات جريئة بصبغة وطنية خالصة على أسس جديدة تتمثل في إنجاح كل جهود المصالحة وإفساح المجال أمام حكومة التوافق لأن تباشر أعمالها بشكل حقيقي على أرض الواقع وتتحمل مسؤولياتها تجاه كافة الملفات العالقة كالموظفين وفتح المعابر والبدء بإعادة الإعمار الذي سيحد من نسبة البطالة ويقلل من نسبة الفقر الذي يعيشه سكان قطاع غزة، وإن لم يحدث هذا فإن الأمور في قطاع غزة ستتجه نحو الانفجار المبهم.
مما سبق فإن الكل الفلسطيني مسئولاً عن استمرار الانقسام ما لم يتم التحرك من الجميع سواءً من قبل الفصائل جميعها بمختلف مسمياتها والتي تقود الشعب الفلسطيني ، أو من خلال المؤسسات والأطر الجماهيرية بكل مكوناتها وكذلك الكتاب والمفكرين أصحاب الأقلام الحرة والمؤثرة لما يساهموا فيه من نشر ثقافة الوحدة الوطنية، لأننا اليوم نقف أمام عدو واحد وخطر واحد ومصلحتنا الوطنية واحدة تتطلب منا الفعل الكثير من أجل قضيتنا ومشروعنا الوطني الفلسطيني في ظل افتقارنا للمساندة الحقيقية العربية والدولية.
أحمد يونس شاهين
عضو الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"