المفاوضات بدأت ولم تبدأ...


بقلم/ احمد يونس شاهين
لعدم توفر عنصر التكافؤ بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي ما زالت عملية التفاوض تعاني من حالة الجمود والاحتقان مما جعل المفاوضات ما زالت تراوح مكانها بسبب مماطلة وتعنت الوفد الإسرائيلي واكتفائه بالتفاوض حول ما يريده و هو الملف الأمني دون الحديث حول الحدود بين الجانبين, فبالتزامن مع انطلاق جولات التفاوض تزايدت الحملات الإسرائيلية المتطرفة والمسعورة بالشروع في التوسع الاستيطاني وشق طرق رئيسية تقسم مناطق الضفة والقدس إلى كانتونات متفرقة إضافة لتمسكها بمناطق فلسطينية محتلة بالضفة الغربية ضمن تسوية محتملة تزيد عمق فجوة الخلاف بينهما.
ففي سابقة خطيرة كشفت مصادر إعلامية إسرائيلية عن نية عدد من أعضاء الائتلاف الحكومي المتطرف عن مخطط إسرائيلي يهدف إلى شق طريق يربط البحر الميت بالتجمع الاستيطاني غوش عتصيون المقام على أراضي بيت لحم المحتلة جنوب الضفة الغربية وبهذه الطريق ستتآكل مساحات واسعة من أراضي الضفة, كما أن هناك مخطط يهدف إلى تقسيم الحرم القدسي الشريف بين اليهود والمسلمين على غرار الحرم الإبراهيمي في الخليل لطمس الهوية العربية والإسلامية في المدينة المقدسة.
إن هذه الممارسات الغير مشروعة ما هي إلا ترجمة لفحوى اللقاءات التفاوضية بالمفهوم الإسرائيلي علاوة على قيام جيش الاحتلال باعتداءات و اجتياحات متكررة والتي تخللها استهداف لنشطاء فلسطينيين في مخيمات الضفة تهدف إلى إرباك الوضع الفلسطيني الداخلي وتهييج المناهضين والرافضين لمبدأ المفاوضات مع إسرائيل وبالفعل فقد خرجت مظاهرات واعتصامات تطالب بوقف المفاوضات نظراً لحالة التشاؤم التي خيمت على الحالة الفلسطينية تجاه عملية السلام التي وُلدت قبل عشرين عاماً في أوسلو, لا يوجد أدنى شك بأن المفاوضات لن تأتي بأي حل عادل ينصف حقنا كفلسطينيين بدولة ذات حدود وعاصمة بسبب عمق الصراع بمختلف نقاطه الجوهرية والرئيسية كالحدود والقدس والمياه والأسرى والمعابر وغيرها من القضايا.
إن الانحياز الأمريكي في المفاوضات شَكل شبكة أمان لصالح إسرائيل وأطلق لها العنان للتبجح في ممارساتها العدائية مما ينتج عن ذلك بأن المفاوضات قد تنهار في ظل تمسك حكومة بنيامين نتنياهو بتوسيع المستوطنات في القدس المحتلة ومناطق أخرى بالضفة الغربية بالرغم من أن النتيجة المؤكدة ستكون فشل المفاوضات.
فالجهود الأمريكية تنحصر في الضغط لاستمرار المفاوضات فقط دون الضغط على إسرائيل لتليين مواقفها بهدف احتكار ملف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تخوفاً من نمو الدور الروسي في المنطقة والذي ظهر في الأزمة السورية, ومن جانب آخر استغلت أمريكا تدهور الوضع الاقتصادي الفلسطيني لطرح خطة اقتصادية لإنعاش الوضع الاقتصادي المتدهور من شأنها إطالة عمر العملية التفاوضية ولكن هذا لا يجب أن يكون عنصر ضغط على الفلسطينيين للمضي في نفق المفاوضات المظلم.
نعود قليلاً إلى الوراء حيث الموقف الفلسطيني والقبول بالعودة للمفاوضات الذي جاء تحت ضغط الظروف والمتغيرات الإقليمية حيث الخريف العربي والداخلية تحديدا نتيجة الانقسام الفلسطيني وتشوه وحدة الموقف الموحد وعدم وضوح الرؤية المستقبلية التي خيم عليها ضباب الانقسام والاحتكار الحزبي.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"