التدخل العسكري الأمريكي في سوريا وانعكاساته على المنطقة


بقلم/ أحمد يونس شاهين

لا ننسى أن كونداليزا رايس أثارت الفوضى الخلاقة في الوطن العربي من اجل إعادة تقسيمه عبر سايكس بيكو "2"، فكانت هذه المقدمة للمخطط الأمريكي في المنطقة.
إن الاستهداف الأمريكي لسوريا هو بمثابة استهداف للأمة العربية كلها وخدمة لإسرائيل وتسير وفقاً للمخطط الذي أعدته أمريكا وإسرائيل مسبقاً لبسط النفوذ الصهيوأمريكي بالمنطقة كلها حيث بدأ الشروع بهذا المخطط منذ ضرب العراق واحتلالها واستشهاد القائد العربي صدام حسين. فكانت البوابة الرئيسية للنفوذ الأمريكي، فأوباما عاد ليسلك النهج العسكري لسلفه جوج بوش الابن ولكن هذه المرة في سوريا بعد أن سلكه في ليبيا بتأييد كثير من الدول أما في سوريا فهو لا يحتاج الرجوع إلى الأمم المتحدة لينتزع قرار التدخل العسكري كما فعل في العراق لعدم وجود توافق حيث انسحبت فرنسا وروسيا والصين من الاجتماع الذي عقد في الأمم المتحدة بخصوص سوريا وسيكتفي بالتحالف مع بعض الدول التي لها مصالح مرتبطة مع أمريكا وإسرائيل.
إن الضربة العسكرية التي يعد لها اوباما وتحالفه البغيض هدفها الإطاحة بالنظام السوري وجيشه وتسليم السلطة لأزلامهم كما حدث في بعض الدول العربية كي يسهل على أمريكا بسط المزيد من النفوذ وإحكام قبضتها وتحقيق حلم إسرائيل, فاستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا كان الذريعة وكلنا نعرف الموقف الأمريكي حين استخدمت إسرائيل غاز الفسفور المحرم دولياً في حربها على غزة عام 2008/2009فلم تحرك ساكناً بل برأت إسرائيل حينئذ.
عن الضربة ستأتي من البحر فستقوم القوات الأمريكية بشن ضرباتها من بوارجها الحربية لتجنب أي اشتباكات محتملة مع الجيش السوري ولتفادي أي خسائر ممكنة كما حدث في العراق, فقد حددت القوات الأمريكية أهدافها في سوريا حيث ستقدم على توجيه ضربات محددة ومعينة في فترة محددة فمن الأهداف المتوقعة  منظومات الدفاع الجوي ومراكز الاتصالات الرئيسية وضرب سلاح الجو الذي يعتمد فيه الجيش السوري اعتماداً كلياً وبشكل يفوق قدرات المعارضة المسلحة والهدف من ذلك إضعاف الجيش السوري ودعماُ للمعارضة المسلحة مما سيسهل عليها الإطاحة ببشار الأسد ونظامه وتفكيك الجيش السوري وبالتالي تنشب الخلافات بين جميع أطياف المعارضة على تولي السلطة في سوريا ومن هنا ستكون انطلاقة الحرب الأهلية بكافة أشكالها وبذلك تكون أمريكا وإسرائيل نالت مرادها وتمكنت من القضاء على جيش قوي من الجيوش العربية إضافة لما سبق ذكره.
أما من ناحية الردود والمواقف الدولية سأكتفي بذكر بعض منها كموقف روسيا المدافع عن نظام بشار الأسد والرافض لتوجيه الضربة العسكرية ، أما الموقف الفرنسي فقد اكتفت فرنسا بتوجيه ضربة تأديبية بسيطة وهذا يأتي من باب الخجل السياسي ورفع العتب لا أكثر والمحافظة على حسن العلاقة مع أمريكا, موقف الأردن كان نوعا ما جيد حيث ما زال يرفض استخدام أراضيه لشن أي هجوم عسكري ضد سوريا وهذا أعتقد حفاظاً على حالة الهدوء التي ستنفر وتنقلب داخلياً إذا تغيرت المواقف الأردنية وكي لا يقدم بشار على توجيه أي ضربة للأردن كما حذر بأنه سيضرب إسرائيل ودول أخرى داعمة لأمريكا, الموقف التركي يدعم الاتجاه الأمريكي بتوجيه الضربة لأهداف متناغمة ستتضح بعد القضاء على نظام الأسد وتفكيك سوريا.
إن ما يدور في سوريا لأمر مؤلم لاسيما أن لسوريا مكانة حضارية وتاريخية وأحد أعمدة القومية العربية ولهذا لا شك بأن تحديد موعد الضربة العسكرية لها لم يأتي من فراغ وأجزم هنا أن الأمر يتعلق بما يجري في مصر حيث أنه من شأن الضربة الأمريكية أن تعمل على تشريد بعض الجماعات المتعصبة والمأجورة لتكون قبلتهم مصر لإثارة الفوضى وزعزعة الاستقرار و الأمن المصري وإشغال الجيش المصري واستدراجه لحرب داخلية وبذلك يكون اكتمل المشروع الصهيوأمريكي في المنطقة.
في هذه الفترة من الزمن العالم يعيش حالة من الترقب الحذر وهو على مفترق طرق خشية من الاحتمالات والتوقعات على كل الاتجاهات فضرب سوريا له أبعاد كثيرة وخطيرة ستؤول بالمنطقة إلى ما هو أسوأ في تاريخ الأمة العربية....



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"