المفاوضات إلى أين



 بقلم/ احمد يونس شاهين

بعد أن تعرضت القيادة الفلسطينية لضغوطات كبيرة
من قبل الإدارة الأمريكية قبلت الموافقة بالعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل تحت إشراف أمريكي بعد أن تلقت وعوداً أمريكية بتحقيق بعض مطالبها وشروطها ومنها الإفراج عن عدد كبير من أسرى ما قبل اتفاق أوسلو حيث أن أي محاولة للإفراج عن أي أسير فلسطيني يعتبر إنجازا كبيراً.
لكن نلاحظ اليوم أن أمريكا تقف قلباً وقالباً بجانب حكومة نتياهو الذي ينفذ مخططه وفق ما هو مرسوماً له في برنامجه الانتخابي،
لاسيما أنه صادق على بناء المزيد من البؤر الاستيطانية وكان آخرها المصادقة على بناء 1200 وحدة سكنية في القدس الشرقية المحتلة وفي المستوطنات الكبيرة بالرغم من المعارضة الأمريكية الصورية للبناء في حدود 1967 بالتزامن مع الاستعداد لانطلاق
جولات المفاوضات مع الفلسطينيين والتي حدد لها مدة تسعة شهور وهذا دليل على أن هناك تنسيق مسبق بين الإدارة الأمريكية وإسرائيل، وتم الإعلان عن هذه المخططات
تزامناً مع الإعلان عن الإفراج عن أول دفعة من الأسرى الذين أطلق سراحهم مؤخراً عشية تجديد المفاوضات والتي أقرت حكومة نتياهو الموافقة عليها في نفس الجلسة التي تم
الإعلان عن بناء مئات الوحدات الاستيطانية في القدس والكتل الاستيطانية الأخرى وورد مؤخراً على لسان وزير الإسكان الإسرائيلي أوري ارييل قبل ساعات من جولة المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، أن إسرائيل ستبني 'آلاف' الوحدات السكنية الإضافية في مستوطنات الضفة الغربية وأن بناء هذه المساكن سيتم في مستوطنات معزولة، وليس في الكتل الاستيطانية، حيث يقيم غالبية المستوطنين الموجودين في الضفة الغربية، والبالغ عددهم 360 ألفا. 
نلاحظ هنا من خلال مراقبتنا للأحداث أن حكومة
نتياهو تتعمد الإسراع في مشروعها الاستيطاني وتوسيعه ليشمل البناء في البؤر العشوائية المعزولة للمطالبة بضمها لدولة الاحتلال كونها ستصبح آهلة بسكانها المستوطنين وكسب المزيد من الأراضي ، كما يعود هذا أيضا للعمل على تهدئة الجناح
المتشدد في ائتلاف نتياهو الذي يمارس الضغط من أجل مواصلة الاستيطان بهدف تعقيد عملية سير المفاوضات وتقويض أي اتفاق من شأنه إقامة الدولة الفلسطينية في حال نجاح المفاوضات، ويجب الإدراك هنا أن نتياهو بهذا يحاول المحافظة على ائتلافه
مع الأحزاب المتطرفة التي أعطاها وعداً بالاستمرار بالنشاط الاستيطاني حتى في حال الموافقة على العودة إلى المفاوضات مع الفلسطينيين. 
من جهة أخرى تعمل الإدارة الأمريكية إلى جانب إسرائيل
على إحراج القيادة الفلسطينية مع الفصائل و الأطراف الفلسطينية التي انقسمت بين معارض ومتحفظ على مسألة العودة إلى المفاوضات متهمين القيادة الفلسطينية بتسهيل المشروع الاستيطاني تحت مظلة المفاوضات التي وافقت بالعودة إليها باعتباره تنازل من طرفها، لابد أن نذكر هنا أن الفصائل
الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية لا تخلو من المسئولية الوطنية والسياسية التي وصلت إليها الحالة الفلسطينية بما يخص اتخاذ القيادة الفلسطينية قرار العودة للمفاوضات استجابة للضغوط الأمريكية في ظل المتغيرات التي أضعفت الفلسطينيين
بانقسامهم وأيضاً لاختلاف مواقف بعض قيادات حركة فتح وعدم التفافهم حول الرئيس أبو مازن في حربه السياسية مع أمريكا والحكومة الإسرائيلية ربما يعود هذا لقناعات سياسية أو حسابات شخصية بعكس ما نراه في المواقف الإسرائيلية المنسجمة تماماً فيما بينها والتي عززت من مواقف نتياهو وصلابتها.
حكومة نتياهو هي المستفيد الوحيد من عملية المفاوضات لإكمال مخططها الاستيطاني في محاولة لتغيير صورتها أمام المجتمع الدولي كأنها مستعدة للسلام بعد حصولها على دعم الراعي الأمريكي.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

معركة الكرامة والحرية من خلف القضبان

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"