اضراب الأسرى واستخلاص العبر


بقلم : أحمد يونس شاهين

في تاريخ الحركة الاسيرة لم نشهد هزيمة لأسير أعلن اضرابه عن الطعام فإما النصر وإما الاستشهاد، وإن دل هذا فإنما يدل على قوة الإرادة والعزيمة والايمان بحتمية النصر ورفض الذل والاهانة، ففي اليوم الأول من شهر رمضان المبارك تم الإعلان عن تعليق اضراب الحرية والكرامة الذي أعلنه أسرانا البواسل بعد رضوخ ادارة السجون الاسرائيلية لتحقيق جزء كبير من مطالبهم.
وهنا يمكننا القول بأن الاسرى خاضوا اضرابهم عن الطعام وهم على يقين بحتمية انتصارهم على سجانهم، فما يضيع حق وراؤه مطالب وهذه حتمية لا جدال فيها، ومن خلال قراءتنا لفترة الاضراب ومن عدة جوانب فإن المواثيق الدولية تعطى الحق للأسير بأن يختار الوسيلة النضالية الأمثل من اجل الحصول على مطالبه داخل الاسر بما يكفل له المعاملة الانسانية الحسنة داخل الاسر لحين الافراج عنه، وبالرغم من الاجراءات التعسفية بحق الاسرى وقيادتهم داخل المعتقلات من عزل انفرادي واهانات وتعذيب نفسي إلا أن هذا كله لم يؤثر على مواصلة الاضراب بكل اصرار وعلى العكس ساهم في فضح بشاعة الاحتلال في تعامله مع الأسرى في اضرابهم.
إن اضراب الكرامة والحرية يضعنا أمام منعطفات تستحق أن نقف أمامها ونلتفت من خلالها لواقعنا الفلسطيني في خضم الحالة السياسية التي يعشيها شعبنا الفلسطيني والتي تتمثل في الانقسام السياسي الذي خفض من حالة الدعم والاسناد لهؤلاء الاسرى وتحديداً في غزة إضافة إلى حالة التدهور الاقتصادي والاحباط لدي الشارع الغزي، وانخفاض مستوى التضامن من قِبل الفصائل الفلسطينية والتي لم ترتقي للمستوى المطلوب بحجم فصائل العمل الوطني بسبب الزج بالتجاذبات السياسية في مسألة التضامن والدعم للأسرى وعدم اتخاذ موقف موحد تجاهها، واذا أردنا الحديث عن مستوى تعامل الاعلام الفلسطيني مع اضراب الأسرى فباعتقادي أن اعلامنا الفلسطيني يتعاطى مع قضايا الأسرى كحالة موسمية في أغلب وسائل الاعلام الفلسطينية، وهذا الأمر بحاجة إلى اعادة النظر واعطاء الأولوية للاهتمام بقضاياهم على مدار الساعة بعيداً عن المناكفات السياسية، لاسيما أن دولة الاحتلال تعد العدة تجاه شن حرب جديدة ضد الأسرى وبصدد المطالبة بوقف صرف رواتب الأسرى بذريعة التحريض على ممارسة الارهاب الأمر الذي سيخلق معركة سياسية حقيقية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.
ما يحزن هو عدم استخلاص العبر من اضراب الأسرى، والاستفادة من وقوف الاسرى موحدين خلف قيادة الاضراب بغض النظر عن الانتماء السياسي رغم محاولات الاحتلال للتشويش على الاضراب عبر نشر مقاطع الفيديو والصور المفبركة  لقيادة الاضراب وهم يتناولون الطعام، لأن الهدف واحد والقضية واحدة والمطلب للجميع مما زاد قهر السجان الاسرائيلي، وهنا تكمن حتمية الانتصار، فهل يمكن أن يكون اضراب الكرامة والحرية درساً يستفاد منه في حالتنا السياسية التي تمر في منعطفات صعبة قد تأخذنا إلى ما هو أسوأ مما نحن فيه كشعب فلسطيني.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حركة فتح في ذكرى انطلاقتها الثامنة والخمسين

دراسة "دور الإعلام تجاه القضية الفلسطينية وآليات تعزيز التضامن العالمي إعلامياً مع الشعب الفلسطيني"

الأسير ماهر يونس رمز الصمود خلف القضبان